الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث بنقردان ـ قتل بـ21 طعنة على أيدي متشددين، أحدهم إمام جامع وآخر كوارجي، والجناة يقولون: بهكذا أمرتنا محكمتنا الشرعية

نشر في  07 ماي 2014  (12:00)

 أسبوع مضى على رحيل خليفة الشويخي ورغم ذلك لم ينس الناس بعد أنه راح ضحية غدر من أسماهم البعض بالمتشددين المندسين في الدين والخارجين عن القانون .فقد إهتزت معتمدية بن قردان يوم 28 أفريل على وقع جريمة بشعة لم تشهد لها الجهة مثيلا و ذلك لخصوصية أطوارها . جريمة ، خلفت الأسى والحزن في قلوب الناس ونقاط إستفهام عديدة في إنتظار الأجوبة بعد أن قتل الممرض خليفة الشويخي بأكثر من 20 طعنة على أيدي عناصر منتمية إلى تيار ديني أحدهم إمام جامع وفق مصادر أمنية.
 

من هو خليفة الشويخي؟

كهل في الخمسين من عمره و أب لـ 4 أطفال أصغرهم لم يتجاوز بعد الأربع سنوات. عرف الشويخي  الذي يشغل خطة ممرض بالمستشفى الجهوي ببن قردان ونقاب ، بدماثة أخلاقه وحسن سلوكه سواء في عمله الأصلي أوفي مهنة المداواة بالقرآن والتي يمارسها منذ 25 سنة بمنزل مجاور لمقر سكناه حيث يستقبل زواره من مختلف الفئات العمرية والذين يفدون عليه من كامل بقاع الجمهورية وذلك وفق ما أكده لأخبار الجمهورية البعض من أجواره.
سويعات قبل تنفيذ الجريمة ـ يقول حسين الشويخي ـ الشقيق الأكثر قربا من الضحية (بعد أن تعذر علينا التحدث إلى زوجته)، وعلامات الحزن بادية على محياه: «كنا نلتقي ونتحدث دائما ولم ألحظ البتة علامات الخوف أو الإرتباك على أخي كما كان ذلك جليا في أفكاره أياما معدودة قبيل الحادثة». يتنهد محدثنا ليواصل قائلا: «ليس لخليفة أي أعداء أو أية خلافات وذلك لنزاهته و إخلاصه في العمل سواء كان بالمستشفى أو حتى عند مداواته للناس بالقرأن رغم محاولات تشويه السمعة التي طالته من قبل عدد من المتشددين بالجهة . ثمّ يردف قائلا: «الخلاف البسيط الذي أذكره كان قبل عامين من الآن مع عدد من المنتمين للتيار السلفي الذين كانوا يماطلون بين المرة و الأخرى في سداد معلوم كراء المنزل الذي إستعملوه لتدريس القرآن الكريم». يوم الواقعة، و قبيل صلاة المغرب عدت إلى بيتي بينما كان المرحوم بصدد مداواة زواره، و لم يخطر ببال أيّ منا أن يتعرض للإعتداء خاصة أنه كان يحذّر عائلته من مقاطعته أثناء العمل .فجأة تعالى الصراخ ليكون المشهد صادما لن يمحى من ذاكرتي أو ذاكرة زوجته وأبنائه الذين كانوا أول من شاهدوه يتخبط في دمائه وهو ملقى أرضا» .

تفاصيل الجريمة

شهادة إمرأة في مقتبل العمر كانت كافية لإرشاد منطقة الشرطة ببن قردان وإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني التي تعهدت بالتحقيق في الجريمة من أجل فكّ اللغز والقبض على الجناة لتنكشف بإعترافاتهم أسماء أخرى في قائمة انتظار حكم ما أسموه بالمحكمة الشرعية . فقد أكد مصدرنا الأمني والذي نتحفظ عن ذكر إسمه أن إحدى الزائرات لاحظت وجود شابين أحدهما يرتدي قميصا كتب عليه « دار الشباب بالمهدية» وكانا كلما طلب منهما التقدم و الدخول للتداوي رفض أحدهما الدخول بتعلة أنهما في إنتظار والدتهما، في حين كان مرافقه بصدد التحدّث عبر الهاتف للتمويه وإبعاد الشبهة عنهما . يقول مصدرنا نقلا عن إعترافات الجناة، أنه وبخلو المكان عمدا إلى الهجوم على الضحية فتكفل الأول بشد يديه عنوة و شل حركته بينما سدّد له الثاني بخنجر يمني 21 طعنة . «هذا الحكم أصدرته المحكمة الشرعية التي إلتأمت بولاية المهدية عقابا لخليفة الشويخي على ممارسته السحر والشعوذة» هذا ماجاء في إعترافات الجاني «ع ـ ش» وهو طالب بإحدى كليات قابس أصيل مدينة بن قردان و منتم للتيار الديني المتشدد . أما الجاني الثاني فهو إمام بجامع الحارة بمدنين وأصيل مدينة المتلوي بقفصة وكان أطرد من إمامة جامع الجميلية ببن قردان بعد تورطه في قضية أخلاقية. جملة هذه المعطيات مكنت الأمن الوطني بالجهة فجر الخميس غرة ماي من القبض على شخصين إثنين آخرين أصيلي معتمدية بن قردان أحدهما طالب جامعي و الأخر لاعب كرة قدم بالجمعية الرياضية بحسي عمر مدنين ، ساعدا في تنفيذ الجريمة والتستر عليها.

تداعيات الجريمة

تماهيا مع هذه الجريمة البشعة، كان الحراك في الشارع حاضرا، حيث أعلن الإتحاد المحلي للشغل ببن قردان عن دخول القطاعات الصحية بالجهة في إضراب عن العمل لمدة 3 أيام وحمل الشارة السوداء حزنا على رحيل هذا العون وتنديدا بالجريمة. في الأثناء نظم أهالي الجهة مسيرة شعبية سبقتها وقفة إحتجاجية للمطالبة بتوفير الأمن حتى لا تتكرر هذه الجريمة التي وصفتها الجهات الأمنية ممن تحدثوا إلى أخبار الجمهورية بالسابقة الخطيرة. محدثنا أكد أن تنصيب مثل هذه المحاكم يثبت وجود تنظيمات إرهابية خطيرة تأتمر بأوامر جماعات أخرى تعمل في كنف السرية داعيا الدولة إلى ضرورة استئصالها نهائيا خوفا من تكرر حوادث مماثلة في مناطق أخرى . «القصاص» هو المطلب الوحيد لعائلة الشويخي وهو ما أكده لنا شقيق الضحية الذي طالب بقتل الجناة لإعتدائهم بالموت على نفس بشرية كما شدد على أنهم لن يسمحوا لأحد بالركوب على هذه الجريمة رافضا تدخل أي جهة حزبية كانت أوحقوقية في الموضوع . وفي ختام اللقاء ثمّن الشويخي مجهودات الأمن في كشف النقاب عن المجرمين موجها شكره لكل من وقف إلى جانبهم في هذا المصاب الجلل.

الشيخ لطفي الشندرلي:
هؤلاء المجرمون ملعونون ومن رحمة الله مطرودون


متابعة منا لتطوّرات الجريمة الشنعاء التي اهتزّ لها الجميع في جهة بن قردان، كان لنا حديث مع الشيخ لطفي الشندرلي الذي تساءل قائلا:«بأيّ حقّ يحكمون ويشرّعون القتل هؤلاء المجرمون في حقّ الدين والعباد والبلاد؟» واضاف قائلا:«هؤلاء يقتلون حسب أهوائهم الضالّة وحكمهم في الشرع الاسلامي خطير وذنوبهم عظيمة، أما الضحيّة فقد قتل بغير حقّ ونسأل الله سبحانه تعالى ان يرحمه ويجعله شهيدا عنده يا ربّ العالمين».
من جهة أخرى أوضح الشيخ لطفي الشندرلي انّ  هؤلاء الأشخاص من المتشدّدين والمجرمين الذين يتستّرون بالدين الاسلامي الحنيف وهو براء منهم ومن أفعالهم أناس ضالّون وملعونون ومطرودون من رحمة الله، وتنطبق عليهم صورة النساء التي جاء فيها:«ومن يقتل مؤمنا متعمّدا فجزاءه جهنّم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابا عظيما»، كا ذكر الشيخ الشندرلي بما جاء في سورة المائدة: «انّه من قتل نفس  بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا».. صدق الله العظيم .
 

نعيمة خليصة